(بَلِ الْإِنْسانُ عَلى
نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ) قال عكرمة ومقاتل والكلبي : معناه بل الإنسان على نفسه
من نفسه رقبا يرقبونه بعمله ويشهدون عليه به وهي : سمعه وبصره ويداه ورجلاه وجميع
جوارحه وهذه رواية علي بن أبي طلحة عن ابن عباس.
قال القبسي :
أقام جوارحه مقام نفسه لذلك رأت ويجوز أن يكون تأنيثه للإضافة إلى النفس كما تقول
في الكلام : ذهبت بعض أصابعه ، و (بَصِيرَةٌ) مرفوعة بخبر حرف الصفة وهي قوله (عَلى نَفْسِهِ) ، ويحتمل أن يكون معناه بل الإنسان على نفسه ببصيرة ،
ثم حذفت حرف الجر كقوله : (وَإِنْ أَرَدْتُمْ
أَنْ تَسْتَرْضِعُوا أَوْلادَكُمْ)[١] أي لأولادكم ، ويصلح أن يكون نعتا لاسم مؤنث أي بل
للإنسان على نفسه عين بصيرة وأنشد الفراء :
قال أبو
العالية وعطاء : بل الإنسان على نفسه شاهد ، وهي رواية العوفي عن ابن عباس ،
والهاء في (بَصِيرَةٌ) للمبالغة ، وقال الأخفش : هي كقولك فلان عبرة وحجة ،
ودليل هذا التأويل قول الله تعالى : (كَفى بِنَفْسِكَ
الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيباً)[٣] وقال ابن تغلب : البصيرة والبينة والشاهد والدليل واحد.
(وَلَوْ أَلْقى) عليه (مَعاذِيرَهُ) يعني أنه يشهد عليه الشاهد ولو أعتذر وجادل عن نفسه.
نظيره قوله
سبحانه : (يَوْمَ لا يَنْفَعُ
الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ)[٤] وقوله : (وَلا يُؤْذَنُ لَهُمْ
فَيَعْتَذِرُونَ)[٥] وهذا قول مجاهد وقتادة وسعيد بن جبير وابن زيد وأبو
العالية وعطا. قال الفراء : ولو اعتذر